النور لخدمات الكمبيوتر والشبكات
أهلا ومرحبا بك زائرنا الكريم ندعوك للتسجيل فى المنتدى لكى تتمكن من رؤية الروابط فى منتدانا وشكراااااااااااا لك على زيارة منتدى النور
النور لخدمات الكمبيوتر والشبكات
أهلا ومرحبا بك زائرنا الكريم ندعوك للتسجيل فى المنتدى لكى تتمكن من رؤية الروابط فى منتدانا وشكراااااااااااا لك على زيارة منتدى النور
النور لخدمات الكمبيوتر والشبكات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

النور لخدمات الكمبيوتر والشبكات

أهلا ومرحبا بكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير سورة الانشقاق الجزء2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
joker.eg
مدير المنتدى
joker.eg


عدد المساهمات : 750
تاريخ التسجيل : 24/11/2010
الموقع : https://alnur.yoo7.com

تفسير سورة الانشقاق الجزء2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الانشقاق الجزء2   تفسير سورة الانشقاق الجزء2 Emptyالسبت ديسمبر 11, 2010 6:33 am

تفسير سورة الانشقاق الجزء2 لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلنا إلى قوله تعالى :
ياايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه 6 فاما من اوتي كتابه بيمينه7 فسوف يحاسب حسابا يسيرا 8 وينقلب الى اهله مسرورا 9 واما من اوتي كتابهوراء ظهره 10 فسوف يدعوا ثبورا 11 ويصلى سعيرا 12 انه كان في اهله مسرورا13 انه ظن ان لن يحور 14 بلى ان ربه كان به بصيرا 15 فلا اقسم بالشفق 16
( سورة الانشقاق : الآيات من " 6 - 16 " )
ما هو الشفق ؟
قال بعض العلماء : الشفق حمرة الأفق قبل شروق الشمس وبعد غروبها .
لماذا أقسم الله تعالى ؟ أوْ لِمَ يقسم ؟ لماذا لفت نظرنا إلى الشفق ؟ إنْأقسم فبالنسبة إلينا ، وإن لم يقسم فبالنسبة إليه .. هناك آياتٌ فيها قسم :
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا(1) سورة الشمس : آية " 1 " )
هناك آياتٌ "فلا أقسم" .. وبعض المفسرين قالوا : إن هذه - لا - زائدةلتوكيد القسم ، على كلٍ إنْ كان هناك قسمٌ فبالنسبة إلينا ، وإن لم يكنهناك قسمٌ فبالنسبة إليه سبحانه وتعالى ، على كلٍ ما هذه الآية العظيمةالظاهرة التي هي الشفق .
بالمناسبة ليس في سطح القمر شفق ، فلماذا ؟لأنه ليس على القمر هواء ، وحيث لا يكون هواء فلا شفق ، فكأن الشفق إشارةإلى هذه الكتلة الهوائية الضخمة التي تصلُ إلى عشرات ، بل مئات الكيلومترات ، في القمر ليس هناك هواء ، إذاً ليس هناك شفق ، وفي الأرض هواء ،فهذا الهواء له مهمة في نثر الضوء ، لولا الهواء لكانت حالة الأرض إحدىحالتين ؛ إما أشعة الشمس، وإما ظلامٌ دامس ، وعن طريق الهواء هناك أشياءثلاثة : هناك أشعة الشمس ، وهناك ضياءٌ ، وهناك ظلامٌ دامس .. فلما ربناعزَّ وجلَّ قال :
فلا اقسم بالشفق16
أيهذه الحمرة التي تبقى في الجوّ بعد غياب الشمس ، أو هذه الحمرة التييتلوَّن بها الهواء قبل شروق الشمس ، أمّا إذا كان في السماء سُحبٌ فالشفقله ألوانٌ تأخذ بالألباب ، وأجمل منظر منظر الغروب في أيام الخريف والربيع، إذْ يتلون الشفق بألوان ساحرة ، إذاً فالشفق دليلُ وجود الهواء ، والشفقدليل وجود السحب وبخار الماء ، والشفق دليل كروية الأرض ، ولو كانت الأرضمكعبة ، أو على شكل متوازي مستطيلات ، أيْ لها حروف ، وبالحروف تغيب الشمسفجأةً ، وتشرق فجأةً ، لكن هذا الشكل الكروي يجعل الشروق تدريجيًّا ، عندالفجر ظهور الخط الأبيض في الأفق ، هذا الخط يزداد ويزداد معه الضياء إلىأنّ تضيء الأرض ، وبعدئذٍ تشرق الشمس ، هذه من رحمة الله بنا .. أَلَمْتَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا(45) سورة الفرقان : الآية "45")
كذلكتغيب الشمس ، أيْ يغيب قرصها ، وتبقى الأرض مضيئة ، ويظهر الشفق عندالغروب ، وهذا الشفق يتضاءل ويتضاءل حتى يغيب ، فإذا غاب دخل وقت العشاء..
لذلك قال عليه الصلاة والسلام : وَقْتُالظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَالَمْ يَحْضُرْ الْعَصْرُ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُوَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ وَوَقْتُ صَلَاةِالْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ وَوَقْتُ صَلَاةِالصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ فَإِذَاطَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُبَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ *رواه مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو)فلما قال ربّنا عزَّ وجلَّ :
فلا اقسم بالشفق 16
هذهآية تنطوي بها آيات ، ينطوي بها الهواء ، ينطوي بها السحاب ، تنطوي بهاكروية الأرض.. على كلٍ لو وقف أحدنا أمام غروب الشمس لرأى بعينيه كيف أنهذا القرص يغيبُّ شيئاً فشيئاً ، فغياب القرص شيئاً فشيئاً هو ما يعبَّرعنه بسرعة الأرض في دورانها حول نفسها ، وسرعة الأرض في دورانها حول نفسهاتزيد على ألف وثمانمائة كيلو متر في الدقيقة ، حينما ترى أشعة الشمس ثابتةمتحركة ، دقق في أشعة الشمس تجدها ثابتة ، غبّ عنها خمسة دقائق تجدهاانتقلت من مكان إلى مكان ، ما هذا الوضع الدقيق ؟ ثابتة متحركة كعقربالساعة انظر إليه تجده ثابتًا ، دعه ترَهُ قد انتقل ، فمن عيَّر هذهالحركة ؟ ومن عيَّر هذه السرعة ؟ ومن جعلها على شكلٍ ثابت متحرك ؟..
فلا اقسم بالشفق 16
إنّ الشمس حينما تغيب فإنها تغيب من مكانٍ معين ، ولكن هذا المكان ليسثابتاً ، بل يتنقل من الصيف إلى الشتاء ، والآن في الشتاء ترى أنَّ أشعةالشمس تدخلُّ إلى صدر الغرفة ، إذاً هي مائلة ، وليست عمودية ، ولو صعدتإلى الجبل وحدّدت بحسب بعض النقاط علاَمة لشروق الشمس الآن ، ثم اصعد بعدستة أشهر تجدْها قد انتقلت إلى مكان آخر ، وكذلك الغروب ، فالغروب متنقل،والشروق متنقل ، وهذا الشفق أيضاً متنقل ، فلمّا قال ربنا عزَّ وجلَّ :
فلا اقسم بالشفق 16
إنه آيةٌ كبيرة ، ولو دققت في الكتب العلمية لرأيت مصطلحاً علمياً اسمهالشفق القطبيّ ، ما هو الشفق القطبيّ ؟ قال العلماء : هناك كهارب ونوياتٌتخرج من الشمس ، وتتجه نحوَ الأرض على مسافة خمسة وستين ألف كيلو متر منسطح الأرض ، فتصطدم بالمجال المغنطيسي ، وهذه الأشعة الكونية تنعكس عليهاأشعة الشمس ، فتبدو كأنها شفق ، وهذا الشفق يرى من القطبين بشكلٍ واضح ،بل يرى من المناطق القريبة من القطبين ، وقالوا في وصف هذا الشفق : إنّهحزامٌ يمنع عن الأرض الأشعة الكونية المؤذية ، وكلما تقدم العلم اكتشفلآيات القرآن الكريم معنىً جديداً .
قد يُفهم من هذه الآية أنّ هذاالشفق حمرة الأفق قبيل الشروق ، وحمرة الأفق بُعَيْد الغروب، والشفق يعنيالهواء ، والشفق يعني السحاب وبخار الماء ، والشفق يعني كروية الأرض ،والشفق يعني تبدل غروب الشمس وتبدل شروقها ، والشفق يعني أنَّ هناك أشعةًكونيةً تحمي الأرض من تأثيرات الإشعاعات الضارة هذه تقبع على مسافة خمسةوستين ألف كيلو متر حيث ينعدم الهواء ، هناك آلات تصوير صورت هذا الشفقالقطبيّ على شكل ستائر مسنَّنات ، وفي الكتب العلمية هذا الموضوع يحتاجإلى تفصيل وتوضيح ، ولكن المجال هنا لا يتسع لتفصيلاتٍ أكثر مما ذكرت ..
فلا اثسم بالشفق 16إذاً الشفق آية كبيرة .
أما القمر فليس فيه شفق ، وبالصور التي التقطها روَّاد الفضاء حينما وقفواعلى القمر فكان ظلُّ المركبة الفضائية ظلامًا دامسًا ، والمكان الآخر أشعةشمسٍ قاتلة ، سبحان الله .. فالشفق جهاز تبريد وجهاز تكييف .
فلا اقسم بالشفق 16 والليل وما وسق 17
( سورة الانشقاق : الآية " 16 - 17 " )

لا شك أن الإنسان أحيانا يمر بسوق مزدحم في الساعة الثانية عشرة ليلاً ،تجد المحلات كلها مغلقة ، والطريق فارغة ، ويكون إلى جانب بيته مدرسةثانوية أو إعدادية ، وطوال النهار ضجيج .. وفي المساء سكون.. سِرْ فيالطرقات في الساعة الثانية ليلاً لا حركة ولا ضجيج ولا صوت ولا صخب ،فربنا عزَّ وجلَّ جعل من هذه آية ، كيف أن كلَّ هذه المخلوقات تحتاج إلىالنوم ، يكون الابن طوال النهار في حركة مستمرة ، وفي الليل ينام..
والليل وما وسق 17
أيوما احتوى ، فالليل يقِلُّ فيه النشاط البشري ، بل ينعدم نشاط الحيواناتكذلك ، وكلُّ المخلوقات تأوي إلى أوكارها ، وإلى أماكن نومها ، وإلىبيوتها ، فلو لاحظت الدواب أو الأغنام أو الأبقار أو الأنعام التي سخرهاالله لنا بعد غياب الشمس تأوي إلى أماكن مبيتها .. فربنا عزَّ وجلَّ جعلمن هذه آيةً ثانية ..
فلا اقسم بالشفق 16 والليل وما وسق 17
( سورة الانشقاق : الآية " 16 - 17 " )

لو كان بيتك على طريق عام ، والضجيج لا يحتمل ، ففي الساعة الثانية ليلاًتجد هدوءًا تامًّا ، حيث كلُّ إنسان قد أوى إلى فراشه ، فمَن خلقَ الحاجةإلى النوم ؟ بل ما تعريف النوم ؟ هو نوعٌ من أنواع الموت ، لذلك فعَنْحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِقَالَ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا قَامَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِالَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ *(متفقعليه)
عندما يستيقظ الإنسان صباحاً فليعلمْ علمَ اليقينأن الله سبحانه وتعالى منحه يوماً جديداً في حياته ، ليكون فرصةً ليسعدبها إلى أبد الآبدين ..
فلا اقسم بالشفق 16
قال بعض علماء التفسير : إن هذا القسم يشبه قوله تعالى : فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ(38)وَمَا لَا تُبْصِرُونَ(39)
( سورة الحاقة : آية 38 ، 39 " )

لأنالليل يتنقل من نصف الكرة الأول إلى نصفها الثاني ، إذاً كلُّ ما علىالأرض يحويه الليل ، والبحرُ في الليل له وحشة ، وكذا الغابات والجبالوالطرقات ، فأكثر الأماكن أنساً تكون في الليل لها وحشةُ سكونٍ رهيب .
فلا اقسم بالشفق 16 والليل وما وسق 17 والقمر اذا اتسق 18
( سورة الانشقاق : الآية " 16-18 " )

ربنا عزَّ وجلَّ أقسم لنا بالقمر ، وليس على الأرض كلها رجلٌ لا يعرفالقمر ، والقمر واحد، سواءٌ أقسم ربنا عزَّ وجلَّ أم لم يقسم بالقمر ، فمافي هذه الآية ؟ القمر تابع من توابع الأرض مساحته تعادل كما يقول العلماءمساحة أمريكا الشمالية والجنوبية ، والقمر يبعد عنا ما يزيد عن ثلاثمائةوستين ألف كيلو متر ، فلو أنَّ للقمر قطارٌ سريعٌ لاحتجنا لنصل إليه إلىمئتي يوم ، ومائتان تقسيم ثلاثين يساوي سبعة أشهر ، فسبعة أشهر تركبقطارًا سريعًا كي تصل إلى القمر ، والقمر لا يعدُّ في الفضاء ، لكن هو فيالفضاء ، والعلماء الذين قالوا : غزونا القمر أو غزونا الفضاء ، وربناعزَّ وجلَّ قال : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السماوات وَالْأَرْضِفَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ(33)
( سورة الرحمن : الآية " 33")

قال" مِنْ أَقْطَارِ السماوات وَالْأَرْضِ" ، والآن قد اكتشفت مجرة بُعْدُهاعنا اثنا عشرة ألف مليون سنة ضوئية ، أما القمر فيبعد عنا ثانية ضوئيةواحدة ، ودائماً في القياس هناك وحدات قياس ، نقيس الذهب بالغرامات ،ونقيس القماش بالأمتار ، ونقيس المسافات على الأرض بالكيلو مترات، فما هومتر السماء ، وما الوحدة القياسية للسماء ؟؟ قالوا : السنة الضوئية أيعشرة آلاف مليون مليون كيلو متر ، هذا هو متر السماء ، وبيننا وبين القمرليس سنة ضوئية ؟ بل ثانية ضوئية .. أي بَدَلاً من السين ثاء .. ثانيةضوئية واحدة ، لذلك لا يُعدُّ القمر إلا تابعاً من توابع الأرض .
فالقمر مرتبط بالأرض بجاذبية ، وهذه الجاذبية محيِّرة ، هل يمكن أنتتصوَّر أنَّ بناءً مؤلّفاً من عشرة طوابق بلا أعمدة ؟ لكن .. ترونها ...إذاً هناك عمد ، فهذه الآية تثبت العمد ، لكن السماء مرفوعةٍ بغير عمدٍترونها، فقد قال تعالى : اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ( سورة الرعد : آية " 2 " )
لذلك قال العلماء : إنَّ القمر مرتبطٍ بالأرض بقوةٍ جاذبيةٍ تساوي كبلاًمن الفولاذ قطره خمسون كيلو متراً ، لكنَّ لطف الله عزَّ وجل جعل هذه قوةالجذب المتمثّلة بكبل من الفولاذ قطره خمسون كيلو مترًا ، هذه القوةموجودة لكنّها غير مرئية ، هذه الأعمدة موجودة ، ولكنّها غير مرئية ،وليست حاجباً ، لا حاجب رؤية ، ولا حاجب تنقُّل الهواء ، لذلك القمر لهأثر على الأرض ، والأرض لها أثر على القمر ، فما أثر القمر على الأرض أوفي الأرض ؟
قال العلماء : لولا القمر لدارت الأرض حول نفسها في أربعساعات ، ولكان الليل ساعتين والنهار ساعتين ، فما الذي يخفف من سرعة الأرضحول نفسها ؟ القمر .. أثر القمر في الأرض أنه بطّأ سرعتها ، وجعل دورتهاحول نفسها أربعاً وعشرين ساعة .
أما أثر الأرض في القمر فهي أنّها جذبته ولولا جاذبيتها لسار في خطٍ مستقيم ولبعُد عنها ، فالقمر إذًا مرتبط بها .
وهناك أثر آخر للقمر في الأرض وهو المدُّ والجزر ، فالمدُّ والجزر لا يلمحفي اليابسة ، مع أنَّ حقائق علمية تثبت أن اليابسة ترتفع قليلاً مقدارخمسة عشر سنتيمتراً باتجاه القمر حينما يقابلها ، ولكن هذا يتم بتجاربدقيقة ، والإثبات حول هذه الحقيقة يحتاج إلى توضيح لا يحتمله هذا المكان ،ولكنَّ الماء لأنه سائل ومتحرِّك ومرن يرتفع حينما يقابل القمر الأرض ،فيرتفع تقريباً عشرين متراً ، لذلك فالموانئ الكبرى في المحيطات مصممة علىالمد والجزر ، وقد يكون البحر في حالة الجزر ولا يحتمل بواخر ضخمة ، فتدخلالبواخر إلى الميناء في حالات المد ، وتخرج منه قبل أن ينتهي المد ، إذاًفالبحر يرتفع إلى ما يساوي عشرين مترًا ، وينخفض عشرين مترًا بين النهاروالليل ، أو بين دورة القمر بين شروقه وغيابه ، أما اليابسة فترتفع خمسةعشر سنتيمتر ، أما البحر فيرتفع وينخفض ، وظاهرة المد والجزر معروفة ، ولايجهلها أحد ، ويراها الإنسان رأي العين إذا سافر إلى مدن تقع على المحيطات، كالمحيط الأطلسي والهادي والهندي .
شيء آخر .. القمر يدور حول الأرضدورةً كل ثمانية وعشرين يوماً ، أما هو فيدور حول نفسه دورةً كل ثمانيةٍوعشرين يوماً ، أي أن نهاره أربعة عشر يوماً ، وليله أربعة عشر يوماً ،ودورته حول الأرض في ثمانية وعشرين يوماً ، لكن سبحان الله ! فالإنسانأحياناً يرى القمر يوم خمسة عشر من الشروق تماماً ، فيشرق مع المغرب فياليوم الخامس عشر ، وفي اليوم السادس عشر يشرق بعد خمسين دقيقة ونصفالدقيقة من غياب الشمس ، وفي اليوم الذي بعده يشرق بعد خمسين دقيقة ونصفدقيقة من اليوم الأول ، وكل يوم يتأخَّر شروقه خمسين دقيقة ونصف دقيقة،بعد أربع أو خمس أيام يظهر القمر في السماء بُعيد منتصف الليل ، بعد خمسةأيام أُخر يظهر في السماء قبيل الفجر إلى أن يغيب تماماً ، فما سرُّ هذاالشروق المتأخِّر ؟
هذه آيةٌ من آيات الله .. هذه الأرض وهذا القمر، فلو أنَّ القمر دار حول الأرض بسرعة الأرض حول نفسها لثبت القمر في جهةٍما من جهات الأرض ، هذه الأرض تدور حول نفسها ، فلو أن دورة القمر حولالأرض كانت بسرعة الأرض حول نفسها لصار القمر مقابلاً لمكانٍ واحدٍ فيالأرض ، ولحرم منه سكان الجهة المقابلة ، لكن هذا التفاضل في السرعة بينسرعة القمر في دورانه حول الأرض وبين سرعة الأرض في دورانها حول نفسها ،فتفاضل السرعتين جعل أهل الأرض كلَّهم يتمتَّعون بالقمر ، فشروق القمرمتأخِّراً خمسين دقيقة ونصف كل يوم عن اليوم الذي سبق هذا معناه أنّه يدورحول الأرض والأرض تدور حول نفسها وبين السرعتين تفاضل ، هذه آيةٌ من آياتالله ، لولا أن هناك إلهً حكيماً قديراً قدَّر كلَّ شيء لزالت الفائدة منالقمر .
وهناك شيء آخر .. قالوا لو أن القمر اقترب من الأرض إلىمائة ألف كيلو متر .. فهو يبعد عنا ثلاثمائة وستين ألف كيلو متر ، فربناعزَّ وجل قال : إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ(49) ( سورة القمر : آية " 49 " )
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ(5)( سورة الرحمن : آية " 5 " )

لو أن القمر اقترب من الأرض ، وكان على بعدٍ يساوي مائة ألف كيلو مترفماذا يحصل ؟ قد يقول أحد الناس لا يحصل شيء .. نقول له : يزداد المدوالجزر أربعة وستين ضعفًا ، فإذا كان المد ارتفاعه عشرين مترًا ، فنضربعشرين في أربعة وستين ، أي يرتفع الماء حوالي ألف متر ، أي أن المدنالساحلية كلّها ، ومع معظم ما حولها إلى ارتفاع ألف متر ينغمر بمياه البحر، فبيروت مثلاً على البحر ، أما ظهر البيدر فارتفاعه حوالي ألفي متر ،فتقريباً عند عالية يصبح كل هذا بحرًا ، لو أن القمر اقترب من الأرض إلىمسافة مائة ألف كيلو متر لتضاعف المد والجزر أربعة وستين مرة ، أي ألفومائتا متر لغرقت جميع المدن الساحلية ، وإلى ارتفاع ألف ومائتا مترتقريباً ، فبعض الجبال الساحلية يبلغ ارتفاعها ألفًا ومائتي متر ، أوألفًا وخمسمائة ، فبلودان ألف وخمسمائة ، أي لوصل الماء إلى بلودان منالبحر ، هذا إذا اقترب القمر من الأرض إلى مسافة مائة ألف كيلو متر .
فهناك أشياء كثيرة عن القمر ، والشيء الذي يُحيِّر العقول كيف أن القمريُرى بدراً حينا ، وحينا آخر لا يُرى ، وحينا ثالثا يُرى بين بين ، وكيفيكون محاقاً ، ثم عُرجوناً ، ثم بدراً ؟ هذه الأرض وهذه الشمس إذا كانالقمر في الجهة المقابلة للشمس يأخذ ضوءه من الشمس بكامله ، فالقمر لهوجهان أحدهما ؛ منيرٌ والآخر مظلمٌ ، والأرض هنا والشمس هناك .. إذا كانالقمر في الجهة المقابلة للشمس نراه بدراً ، فإذا كان في جهة الشمس لانراه إطلاقاً ، لأن القمر هنا ، والشمس هناك ، والأرض هنا ، وجهه المظلمنحونا ، والمنير نحو الشمس ، فلا نراه ، وإذا انتقل القمر إلى هذا المكانفهذا الوجه المنير وهذا المظلم ، نحن نرى نصف القمر تقريباً ، أي كنصفالبرتقالة ، إذاً تنوّع القمر من البدر ، إلى وضع متوسِّط نصف دائري ، إلىهلال ، إلى محاق .. هذا بتقدير قديرٍ حكيم .. فهذا تقويم في السماء :
ييَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ( سورة البقرة : آية " 189 " )

لذلك ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَقَالَ هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ هِلَالُ خَيْرٍوَرُشْدٍ آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكَ ثَلَاثَ مـرَّاتٍ ثُمَّ يَقُولُالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا *
(رواه أبو داود)
أي هو خير لنا ، ولكنه يرشدنا إلى الله عزَّ وجل ، فلا أدري إذا كانالتوضيح لكم كافياً ، فكيف يشرق القمر كل يوم متأخراً خمسين دقيقة ؟ لولاتفاضل السرعتين لاستفادت جهة واحدة من القمر ، وبقيت جهات الأرض الأُخرىمحرومةٍ منه ، أما هذا التفاضل بين سرعتي القمر والأرض فقد جعلت القمريعُمُّ الأرض كلها ، ويراه جميع من في الأرض .
تنقُّل القمر حول الأرضمن جهة الشمس إلى جهةٍ مقابلة إلى جهةٍ ثالثة ورابعة جعل القمر لا يبدوأبداً ، أي محاقاً ، ثم يبدو هلالاً ، ثم يبدو نصف دائرة ، ثم يبدو بدراً، إذاً جُعل القمر تقويماً في السماء .
الحقيقة لو كان الإنسان يزنوهو على الأرض ستين كيلو غراماً ، ووقف على القمر لكان وزنه عشر كيلواتفقط ، ولو مسك إنسان كرة ، وألقاها في الأرض بكامل قوته ، وكانت الكرةحديدية لارتفعت خمسة أمتار ، ولو ألقى هذه الكرة على سطح القمر لاندفعتإلى ثلاثين متراً ، إذاً الجاذبية شيء عظيم .. وبعض المفسرين فسَّر قولهتعالى :
والقت ما فيه وتخلت 4
( الانشقاق : آية " 4 " )

أيانعدمت الجاذبية ، فما الذي يجعل الأشياء مرتبطة بالأرض ؟ الجاذبية .. فأيشيء إذا تركته يسقط ، فما هو السقوط ؟ أي انجذاب هذا الشيء إلى الأرض ،فما وزن الشيء ؟ هو قوة انجذابه إلى الأرض ، لذلك فالبحار في المحيطالجنوبي وفي نصف الكرة الجنوبي الإنسان بنظرة ساذجة يتساءل كيف متعلقة ؟أي إذا سافر شخصٌ إلى الأرجنتين فهل يجد السماء من تحته ، والأرض من فوقه، كيف ينظر هذا ؟ لو سافر شخص إلى بلاد تقع في نصف الكرة الجنوبي تبقىالسماء نحو الأعلى ، والبحر نحو الأسفل ، إذاً ما تعريف السماء ؟ هي جهةٌمقابلةٌ لمركز الأرض ، أينما ذهبت على سطح الأرض ترى السماء سماءً والأرضأرضاً ، فالأرض هي كرة ، لذلك هذه القوة التي ربطت كلَّ ما على الأرض منماء ومن هواء ومن أشياء بالأرض هي قوة الجذب القوية واللطيفة ، ولا تراها، فارتباط القمر مع الأرض بقوة الجذب الهائلة ، لكن ليست حبالاً أو أعمدة، قوة جذب لطيفة ، قوية ولطيفة بآن واحد تخترقها ، هذه السارية هي حاجبتحجب الرؤية ، ولا يستطيع الإنسان أنّ يخترقها ، لكن ما قولك لو كانالجامع مبنيًا على سواري قوى خفية غير مرئية ، ولا يوجد حواجز على الإطلاق، هذا شيء ليس بطاقة البشر، هكذا الجاذبية...
لذلك فإن الأرض ساكنةسكونًا مطلقًا ، فإذا كانت الأرض ساكنةً سكوناً مطلق وهي متحركة، فهذهآيةٌ كبيرة ، هي متحركة وتنتقل مسافة ثلاثين كيلو مترًا في الثانية ، فهذهالسرعة الدقيقة ، وهذا السير على خط ثابت يفسِّره قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السماوات وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا
( سورة فاطر : آية " 41 ")

ومعنى "تَزُولاَ" ، أي أن السماوات والأرض وكل الكواكب في السماء والنجوموالأجرام لها مسارات دقيقة لا تحيد عنها ، كقطار له سكة لو حاد عنها يحتاجإلى آلات ضخمة حتى ترجعه إليها : إِنَّ اللَّهَيُمْسِكُ السماوات وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْأَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًاغَفُورًا(41)
( سورة فاطر : آية " 41 ")

هذا شيءمستحيل إذاً ، واللهُ عز وجل عندما أوضح لنا هذه الآيات فالشفق يدل علىوجود الهواء ، يقول العلماء : إن بعض الكواكب ليس فيها هواء فما هو السبب؟ قالوا : لأن قوة الجذب خفيفة ، وقوة الجذب الضئيلة تجعل الطبقاتالهوائية تتفلت من على هذا الكوكب وتهجره ، لذلك فحجم الأرض مناسب جداً ،وهذا الحجم يعني جاذبية بحجم معين ، وهذه الجاذبية ربطت البحار والهواءبالأرض ربطاً نهائياً .
قال العلماء : القمر يقدِّم إلى الأرض أشعةوحرارة تساوي واحدًا على مئة وخمسة وثمانين ألف جزء من أشعة الشمسوحرارتها ، أي أنه لطيف ، وفي الليالي البيضاء المقمرة يُرى الطريق ، حتىالحرارة كما بينت قبل قليل مِن أن القمر يقدم لنا حرارة مقدارها واحد علىمئة وخمسة وثمانين ألف جزء من أشعة الشمس وحرارتها .
كما قلت قبل قليلأيضا لولا الأرض لسار القمر في خطٍ مستقيم مبدئياً ، ولكان له مدار طويلحول الشمس ، ولكن الأرض واقترابها منه جعلته يرتبط بها ، ولولا القمرلدارت الأرض حول نفسها في أربع ساعات ، ولصار الليل ساعتين ، والنهارساعتين ، وهذا لا يحتمل .
إنّ سرعة القمر حول الأرض ثلاثة آلافوخمسمائة كيلو متر في الساعة ، ولو تصورنا أن مدفعاً أطلق من على سطحالقمر فلا يحتاج ضارب المدفع إلى أن يغلق أذنيه ، إذْ لا صوت له، والقمرلا ليس فيه هواء ، فما دام لا هواء فيه فليس له وسط ينقل الصوت ، لذلكفإنّ الهواء في الأرض نعمةٌ كبرى ، فكلامي مسموع بسبب الهواء ، ولولاالهواء لما سَمِعَ أحدٌ من كلامي شيئاً ، إذاً فلا بد من وسطٍ مرنٍ ينقلالصوت ، وينقل الحرارة ، وينقل البرودة ، التكييف مركزي، أي هواء بارد ،تدفئة مركزية ، أي ماء ساخن لامس الهواء فجعله ساخناً ، والغرفة دافئة ،فلو أن الإنسان فكَّر في الهواء فقط كيف ينقل الصوت والحرارة والبرودةوالضوء لكفى ذلك دليلا على الله ، لكن على سطح القمر لا صوت يسمع ، ولابرودة تنتقل ، ولا حرارة ، وفي النهار ثلاثمائة وخمسون درجة ، وفي الليلمائتان وخمسون درجة تحت الصفر ، إذاً ما دور الهواء على سطح الأرض ؟ دورملطِّف ، الهواء جهاز تكييف يحتفظ بالحرارة ويخفف البرودة ، لذلك تجدالدرجات معقولة ما بين عليا عشرين ودنيا ثلاث ، أو خمس وعشرين ، وعشرةدرجات ، أو عشرين وخمسة وثلاثين ، فالدرجات معقولة جداً بين الليل والنهاربفضل الهواء ، فهذه كذلك إشارات دقيقة جداً ، أنَّ الهواء ينقل لكَّ الصوت، ينقل لكَ الحرارة ، ينقل لكَ البرودة، وينقل لك الضوء ، ويلطِّف الجوّ ،ويجعل درجات الحرارة متقاربة ، وهذا كلّه بفضل الهواء ، فلذلك ربنا عزَّوجلَّ قال :
فلا اقسم بالشفق 16 والليل وما وسق 17 والقمر اذا اتسق 18


ومعنى "وسق" ، أي ما احتوى ، ومعنى "اتسق" ، أي إذا تمَّت استدارته ، أي أصبح بدراً .
فلا اقسم بالشفق 16 والليل اذا اتسق 17 والقمر اذا اتسق 18 لتركبن طبقا عن طبق 19
( سورة الانشقاق : الآية " 16 - 19 " )

هذا جواب القسم :
لتركبن طبقا عن طبق 19
ما معنى هذه الآية ؟؟!
فعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : "لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ" حَالًا بَعْدَ حَالٍ ، قَالَ هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(رواه البخاري)

فأنت شاب ليس لك خيار في الموضوع ، لا بدَّ أن تصبح كهلاً ، ولا بدَّ أنتصبح شيخاً ، بمعنى التقدُّم في السنّ ، ولا بدَّ أن تدخل القبر ، ولابدَّ أن تُبعَث ، ولا بدَّ أن تقف بين يدي الله عزَّ وجلَّ ، ولا بدَّ أنتحاسَب على أعمالك ، تكون نطفةً ، ثمَّ جنيناً ، ثمَّ مولوداً ، ثمَّطفلاً ، ثمَّ شاباً ، ثمّ رجلاً ، ثمَّ كهلاً ، ثمَّ شيخاً ، ثمَّ ميْتاًتحت التراب ، ثمَّ مبعوثاً حياً ، ثمَّ واقفاً للحساب ، ثمَّ إلى الجنّةأو إلى النار ..
فلا اقسم بالشفق 16 والليل اذا اتسق 17 والقمر اذا اتسق 18 لتركبن طبقا عن طبق 19
( سورة الانشقاق : الآية " 16 - 19 " )

فلا بدَّ من أن تمروا بهذه المراحل .
يقول لك الواحد باللغة الدارجة ، " فتِّح عين ، أغمض عين" ، ولَّى الصيف ،فتح عين واغمض ولَّى الشتاء ، فالإنسان يدخل الجامعة يستكثر الأربع سنوات، فتح عين وأغمض عين انتهت الدراسة الجامعية ، ثم هو قد تزوج ، وجاء لهأولاد ، وزوجهم وأصبح جدًّا ..

أي نحن نسير في اتجاه إجباري ،وبسرعة ثابتة ، ليس لنا خيار فيها ، والأيام تدور ، والسنوات تمر ، والليلوالنهار يُبلِيان كلَّ جديد ، ويقربان كلَّ بعيد ، والإنسان مجموعة أيام ،كلَّما انقضى منه يومٌ انقضى جزءٌ منه :
فلا اقسم بالشفق 16 والليل اذا اتسق 17 والقمر اذا اتسق 18 لتركبن طبقا عن طبق 19
( سورة الانشقاق : الآية " 16 - 19 " )

حالاً بعد حال ، وهذا تفسير أوّل .
وهناك تفسير آخر ..

أيضاًحالاً بعد حال ، قد ينتقل المرء من الفقر إلى الغنى إذا كان شاكرًا ، أوينتقل من الغنى إلى الفقر ، وقد ينتقل المرء من الرخاء إلى الشدة ، أو منالشدة إلى الرخاء ، ومن الصحة إلى المرض ، أو من المرض إلى الصحة ، أيكلُّ حالٍ يزول .. فالإنسان لا يطمئن للدنيا ، اليوم أنت شابَّ وليس فيكمن بأس ، وفي خلال دقائق توقفت الحركة ، وأصبح يحتاج إلى زحّافة ، يريد منيحمله إلى المرحاض ، أحياناً يبكي ..
لتركبن طبقا عن طبق 19
وعلى الإنسان أنْ يتعلق بالله عزَّ وجلَّ ، لا أنْ يتعلق بالدنيا ، ويضع ثقته كلها بالله عز وجل ، قال عليه الصلاة والسلام :الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ وَلَاإِضَاعَةِ الْمَالِ وَلَكِنَّ الزَّهَادَةَ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَاتَكُونَ بِمَا فِي يَدَيْكَ أَوْثَقَ مِمَّا فِي يَدَيِ اللَّهِ وَأَنْتَكُونَ فِي ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ إِذَا أَنْتَ أُصِبْتَ بِهَا أَرْغَبَفِيهَا لَوْ أَنَّهَا أُبْقِيَتْ لَكَ*
(رواه الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ)

الشفق أي الهواء ، والسحاب وبخار الماء ، وكروية الأرض ، وتبدل غروب الشمس .

كل شيء ، وجميع الكائنات يحتويها الليل ، وتسكن في الليل .

هذاالتابع له فضل على الأرض في الجاذبية ، وفي المد وفي الجزر ، والأرض لهافضلٌ عليه - مجازاً فالفضل لله عزَّ وجل - في ارتباطه بها ، والقمر بُعدُهعنا مناسبٌ جداً.. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ(5)
( سورة الرحمن : آية " 5 " )
لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40)
( سورة يس : آية " 40 " )

من دون قمر يصبح النهار ساعتين ، والليل ساعتين ، وبوجود القمر يكون الليل والنهار أربعًا وعشرين ساعة .
فما لهم لا يؤمنون 20
( الانشقاق : آية " 20 " )

سبحان الله ! كأنَّ الله سبحانه وتعالى يعجب منهم .. فما الذي يمنعكم أنتؤمنوا ؟!! لقد أعطيتكم فكراً ، وأعطيتكم كوناً ، والكون تجسيدٌ لأسماءالله الحسنى ، فإذا أردت أن تعرف الله فدونك الكون ، قال عليه الصلاةوالسلام : حسبكم الكون معجزة *.
الكون قرآنٌ صامت ، والقرآن كونٌ ناطق ، الإمام محمد عبده يقول : إن لله في أرضه كتابين ؛ الكون والقرآن .
فما لهم لا يؤمنون 20
ماالذي يمنعهم من الإيمان ، والمرءُ مشغول بماذا ؟ هل في الأرض شيء أهم منمعرفة الله عزَّ وجل ؟! ما دمت سوف تكون مع الله إلى أبد الآبدين ، حينمايدفن الإنسان في قبره يقول الله له عزَّ وجل : عبدي رجعوا وتركوك ، وفيالتراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبق لك إلا أنا ، وأنا الحيُّالذي لا يموت*.
فما دام الله سبحانه وتعالى إليه المصير ، وإليهالمنقلب ، إلى أبد الآبدين ، فما هذا الكلام إذْ تدّعي أنك مشغول ، ..لماذا لا تحضر معنا ؟ يجيب بأنه مشغول ، وعندهم الآن موسم ، أو حتى يرتاحبالي ، بالك لن يرتاح أبداً..
فما لهم لا يؤمنون 20

هل يوجدإنسان يأخذ الدكتوراه من دون جامعة ؟! في البيت وحدي وأنا مستلقٍ علىالسرير أخذتها ، هذا لا يصح أبداً ، فالعلم يؤتى ، ومعرفة الله تحتاج إلىأن تحضر مجلس علم ، فكيف تعرفه ؟ وكيف تعرف آياته ؟ وكيف تعرف أوامره ؟وكيف تعرف الحلال والحرام ؟ وكيف تعرف الطريق إليه من دون أن يعلِّمك أحد؟
فما لهم لا يؤمنون 20
ما الذي يشغلك ؟
عبدي.. خلقت لك ما في السماوات والأرض ولم أَعْيَ بخلقهما ، أفيعييني رغيفٌأسوقه لك كل حين !! - فلماذا تكون مشغولاً برزقك ؟ - وعزتي وجلالي إن لمترض بما قسمته لك فلأُسلِّطنَّ عليك الدنيا تركضُ فيها ركض الوحش فيالبرية ، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ، ولا أبالي، عبدي لي عليكفريضة ، ولك عليّ رزق ، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك.
كنا نخوض ونلعب .. فلا عذر ، لأنّ الله عزَّ وجل خلق الكونَ كلَّه شهادةًله ، خلقك من نطفة ثم سوَّاك بشراً سوياً ، والقبر أمامك فما الذي يمنعكمن أن تؤمن به ؟
فما لهم لا يؤمنون 20
فإذاوضع الأبُ ابنه في أحسن مدرسة ، وفيها أحسن أساتذة ، وأحضر له كتباً جديدة، وأقلامًا ودفاتر ، وجميع اللوازم من أعلى مستوى ، وخصَّص له غرفة مدفأةشتاءً ، ومكيّفة صيفاً ، ومكتبًا ، وإضاءة مناسبة ومكتبة ، وقدَّم لهنفقات كبيرة ، وأحضر له أساتذة خصوصيين ، ودخل عليه ذات مرة فرآه لا يدرس، فقال له : يا بني لمَ لا تدرس ؟ ما الذي يمنعك أن تدرس ؟ هل قصَّرت بحقك؟ هل هناك شيء لم أقدِّمه لك ؟
فما لهم لا يؤمنون 20 واذا قرئ عليهم القران لا يسجدون 21
( الانشقاق : آية " 20-21" )

كتابالله .. قد حدثتكم اليوم في الخطبة كيف أن ربنا عزَّ وجل خلق غدّة دمعية ،وهذه الغدة تفرز مادة قلوية من أجل تطهير القرنية ، ومن أجل تسهيل عملالأجفان - المسّاحات - ، وكيف تعمل هذه المسّاحات ، أيْ الأجفان عن طريقحركة لا إرادية من أجل أن ترتاح ، فلم يكلِّفك فيها عملاً ، فلو كلَّفكفيها لوجدتَ أنّك وأنت تتكلَّم تقول لمن أمامك : انتظر سأمسح عيوني ،وتقوم بمسحهما ، ثم تقول لمحدثك : أكمل ، أما الله فقد جعل لك هذه الأجفاننعمة كبرى ، فحركة الأجفان حركة نوبية لا إرادية مع مادة قلوية تذيب الرمل، فلو دخلت حبة من الرمل في العين لأذابها الدمع ، وهذا الدمع خرج منالغدة الدمعية بشكل معيَّر دقيق ، نظَّف القرنية ، وسهَّل عمل الأجفان ،ثم انتهى إلى قناةٍ دمعيّةٍ لا تُرى بالعين لشدة دقتها .
هذا الدمع لهوظيفة أُخرى ، وهي ترطيب الأنف ، فالأنف سطوح متداخلة ، والهواء يمر عبرها، والله جعل هذه السطوح ساخنة ، أرقى جهاز تسخين، وجعل هذه السطوح أيضاًمغطَّاة بطبقة مخاطية لزجة رطبة حتى الغبار العالق في الهواء والموادالغريبة كلها تعلق عليها ، وإذا استطاعت ذرة من الغبار أن تنتقل عبرالفراغات ، وهذا مستحيل فجعل منها أشعارًا تلتقطها ، سطوح ساخنة متداخلةعليها طبقة لزجة رطبة وأشعار في الفراغات من أجل أن يصل الهواء إلىالرئتين ساخناً نقياً ، فلو نام الإنسان على ظهره فسيتنفَّس من فمه ،وكأنَّه عطَّل جهاز التسخين ، وعطَّل جهاز التعقيم ، فتنكشف اللثة ، وهذامرض يسمى - البوريه - أي انكشاف اللثة ، يصاب برشوحات دائمة ، ويأتيهالهواء بارداً مؤذياً ومعبّأ بالغبار أو الأجسام الغريبة .
إذا ازدادالدمع .. فهو البكاء ، ومعنى البكاء أن الغدد الدمعية تفرز كميَّات منالدمع تزيد عن طاقة تصريف الدمع بالقنوات الدمعية ، فيسيل ويفيض الدمع ،ربنا عزَّ وجل ذكر في كتابه الكريم .. تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ
( سورة المائدة : آية " 83 " )

هذه الأشياء كشفها العلم الآن ، وكذلك موضوع الغدد الدمعية والتنظيفوالتصريف ، ولكن الله سبحانه وتعالى في موطنين من القرآن الكريم ذكر أنالبكاء هو فيضان الدمع ، قال تعالى :
فما لهم لا يؤمنون 20
أليس هناك آياتٌ باهرات ؟
في العين مائة وثلاثون مليون عصية ومخروط ، ربع مليون شعرة ، ولكل شعرة شريان ووريد وعصب وعضلة وغدة دهنية وغدة صبغية :
فما لهم لا يؤمنون 20
وفيالمعدة خمسة وثلاثين مليون عصارة هاضمة تفرز مقدار ليتر ونصف ، أيْ بقدر -قِنِّينة بقين - من حمض كلور الماء عند كل وجبة طعام :
فما لهم لا يؤمنون 20
الشمسبُعدُها عنا مائة وستة وخمسون مليون كيلو متر ، وهناك شموس حجمها يزيد عنحجم الشمس بثلاثين مليون مرة ، والشمس بينها وبين الأرض من الفرق مليونوثلاثمائة ألف مرة ، وهناك كازارات شدة إضاءتها وحجمها يزيد على شمسنابثلاثين مليون مرة .
وفي الكون توجد بقع سوداء - الثقوب السوداء -وهذا الشيء لا يصدَّق ، إذا دخلتها الأرض انضغطت إلى حجم البيضة ، الأرضكلها .. ففيها قوى ضغط تزيل الفراغات البينية بين الذرات ، فكل شيء تراهثقيلاً وصامتًا فيه فراغات هائلة بين ذراته ، هذه القوى الضخمة في البقعالسوداء تجعل الأرض بكاملها بيضة ، وهذه الأرض لو أُلقيتْ في الشمسلتبخَّرت كلها في ثانية واحدة ، الأرض كلها :
فما لهم لا يؤمنون 20
المجرَّاتأعرف رقماً عن المجرات أن هناك حوالي عشرة آلاف مليون مجرة ، أحدث مقالةقرأتها قبل يومين مليون مليون مجرة في الكون ، هذا في حدود مراقبتناومراصدنا ، وفي حدود تكهُّناتنا مليون مليون ، وأحد مرصد أمريكا اسمه -بالومار - كشف منها ألف مليون ، والباقي لم تُكشف ، فالعين المجردة لا ترىإلا ثلاث مجرَّات فقط ؛ هي المرأة المسلسلة ، ومجرّتان ، ومجرتنا فقط :
فما لهم لا يؤمنون 20
قال تعالى :
واذا قرئ عليهم القران لا يسجدون 21
( الانشقاق : آية " 21 " )
فما هناك آية في هذا الكتاب إلا وتنطق بالكون ؟ بل الكون كله في الكتاب .
بل الذين كفروا يكذبون 22
( الانشقاق : آية " 22 " )

إنّ الكافر من سيمته أنه يكذِّب الحقَّ ، ويؤمن بالباطل .
فبشرهم بعذاب اليم 23
( الانشقاق : آية " 23 " )

معنى يوعون ، أي يخبِّئون من نوايا شريرة للنبي صلَّى الله عليه وسلم ولأصحابه الكرام ..
فما لهم لا يؤمنون 20 واذا قرئ عليهم القران لا يسجدون 21 بل الذين كفروا يكذبون 22 والله اعلم بما يوعون 23 فبشرهم بعذاب اليم 24
( الانشقاق : آية " 20-24" )

قال بعض علماء البلاغة : هذه استعارة تهكُّمية ، كأن تقول مثلاً : فلانرسب عن جدارة ، وأحرز درجة عالية في الرسوب ، أو تقول لإنسان : قمّة فيالغباء ، فالغباء ليس له قمة ، وهي استعارة تهكُّمية .
وبعضهم قال : لا .. بل هي على حقيقتها ، ربما كان العذاب عذاب النار الذي يحرق الجلود أهون من عذاب النفس :
فبشرهم بعذاب اليم 24
ثم قال تعالى :
الا الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون 25
( الانشقاق : الآية " 25 " )

ما معنى "غير ممنون" ؟ أي غير منقطع ، وغير منقوص ، وغير محسوب .
وقال بعض المفسرين : غير ممنون ، ليس ممتناً عليهم ، ولكنَّ هذا التفسيرمرفوض ، لأنَّ لله المنة والفضل دائماً ، فيمكن ألاّ يكون لإنسان علىإنسان مِنَّة ، أما ربنا عزَّ وجل فله المِنَّةُ والفضلُ على عباده جميعاً، فإذاً معنى "غير ممنون" ، أي غير مقطوع ،و غير منقوص ، وغير محسوب عليهم، أيْ بغير حساب ، فلا أحد من الناس يأخذ إلا بحساب ، أما إذا أعطى ربناعزَّ وجل أدهش ، وهو المعطي فلا يسأل ، وهو الكريم فلا يبخل ، وهو الحليمفلا يعجز .....
درسنا كله ..
فلا اقسم بالشفق 16
تذكرواالشفق القطبي ، هذا السور الذي وضعه الله في الفضاء الخارجي على بعد خمسةوستين ألف كيلو متر ليقِيَ الأرض من الأشعة الكونية الضارة ، أو الشفق تلكالحمرة التي تكون بعد الغروب أو قبل الشروق ، تعني الهواء ، تعني السحاب ،تعني البخار ، تعني كروية الأرض :
والليل وما وسق 17
وما حوى .
والقمر اذا اتسق 18
تمَّت استدارته .
لتركبن طبقا عن طبق 19
ليس لك خيار ، فأنت الآن شاب ، لكنك سائر في طريق الكهولة ، وبعد الكهولةالشيخوخة، فإذا رأيت إنسانًا يمشي متمهلاً فلا تنتقده ، فسوف تكون كذلك :
فما لهم لا يؤمنون 20 واذا قرئ عليهم القران لا يسجدون 21 بل الذين كفروا يكذبون 22 والله اعلم بما يوعون 23
( الانشقاق : الآية " 20-23" )

أي بما يخبئون في نفوسهم من نوايا شريرة .
فبشرهم بعذاب اليم 34 الا الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون 25
( الانشقاق : الآية " 24-25" )

أي غير منقوص ، غير مقطوع ، غير محسوب ، أي بغير حساب أو تقنين .
والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة الانشقاق الجزء2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الانشقاق للشيخ النابلسي الجزء 1
» تفسير سورة المائده
» تفسير سورة الضحى
» تفسير سورة النصر
» تفسير سورة الكوثر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
النور لخدمات الكمبيوتر والشبكات :: إســـــــــــــــــــــــــــــلامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى :: قسم التفسير-
انتقل الى: