joker.eg مدير المنتدى
عدد المساهمات : 750 تاريخ التسجيل : 24/11/2010 الموقع : https://alnur.yoo7.com
| موضوع: تفسير الحديث القدسى السادس الأحد ديسمبر 12, 2010 7:26 am | |
| معنى الحديث أنا غني عن أن يشاركني غيري ، فمن عمل عملاً لي ولغيري لم أقبله منه ، بل أتركه لذلك الغير . الترهيب من الرياء جاءتنصوص الكتاب والسنة بالترهيب من أن يقصد الإنسان بعبادته غير الله ،وعدَّت ذلك من عظائم الذنوب بل من الشرك بالله ، لأنه ينافي الإخلاص الذييقتضي أن يقصد المسلم بعمله الله وحده لا شريك له ، قال سبحانه : {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين }(البينة 5)، والمرائي في الحقيقة جعل العبادات مطية لتحصيل أغراض نفسه الدنيئة ،واستعمل العبادة فيما لم تشرع لأجله ، وهو تلاعب بالشريعة واستهانة بمقامالألوهية ، ووضع للأمور في غير مواضعها ، وقد توعد الله صنفاً من الناسيراؤون في صلاتهم بالويل والهلاك فقال : {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون * الذين هم يراءون * ويمنعون الماعون } ( الماعون 4-7 ) ،وبين سبحانه أن الذي يريد بعمله عاجل الحياة الدنيا فإنه يعجل له فيهاثوابه إذا شاء الله ، ومصيره في الآخرة العذاب الشديد والعياذ بالله ،لأنه لم يخلص العمل لله فقال سبحانه : {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا }( الاسراء 18) ، وجعل مراءاة الناس بالأعمال من أخص صفات أهل النفاق فقال سبحانه :{وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس } (النساء 142)وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة خطورة الرياء على دينالعبد وعاقبة المرائين ، ومنها حديث الباب ، وحديث الثلاثة الذين هم أولمن يقضى عليهم يوم القيامة وهم شهيد ، وعالم ، ومنفق ، وغيرها من الأحاديث. تعريف الرياء عرفالعلماء الرياء بتعريفات مختلفة ، ومدار هذه التعريفات على شيء واحد وهو :" أن يقوم العبد بالعبادة - التي يتقرب بها إلى الله - لا يريد بها وجهالله عز وجل وحده بل يريد بها عرضاً دنيوياً أياً كان هذا العرض " ،وفرقوا بين الرياء والسمعة بأن الرياء هو العمل لرؤية الناس ، وأما السمعةفالعمل لأجل سماعهم ، فالرياء يتعلق بحاسة البصر ، والسمعة بحاسة السمع ،وفي الحديث ( من سمَّع سمَّع الله به ، ومن يرائي يرائي الله به ) رواه البخاري . دواعي الرياء أخبرالرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه يخاف على أمته من الشرك الخفي أكثر ممايخاف عليهم من المسيح الدجال ، فقال عليه الصلاة والسلام : (ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟ قلنا : بلى ، فقال: الشرك الخفي ، أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل )رواه ابن ماجه بإسناد صحيح ، وما ذاك إلا لأن الداعي إلى الرياءقوي في النفوس ، ومغروس في الفطر ، فالنفوس مجبولة على حب الثناء والمنزلةفي قلوب الخلق ، وتجنب الذم واللوم ، كما قال القائل : يهوى الثناء مبرِّز ومقصر حبُّ الثناء طبيعة الإنسان ولذلك حصر بعضهم الأمور التي تدعو إلى الرياء في ثلاثة أشياء : " حب المحمدة ، وخوف المذمة ، والطمع فيما في أيدي الناس " . مظاهر الرياء تتنوعصور الرياء ومظاهره على حسب الأعمال والعبادات التي يتقرب بها المرء ، فقديرائي الإنسان مثلاً بإظهار بعض الأمور التي تدل على مبالغته واجتهاده فيالعبادة ، فربما راءى بإظهار النحول والاصفرار وذبول الشفتين ليستدل بذلكعلى الصيام ، وقد يحرص مثلاً على إبراز أثر السجود في جبهته ، وقد يكونالرياء بالنطق واللسان ، فيتعمد إظهار العلم والحفظ وإقامة الحجة عندالمجادلة والخصام ليعرف الناس مدى علمه وقوة حجته ، أو يجهر بذكره لله عزوجل ليعرف الناس أنه ذاكر ، وقد يرائي بعمله كأن يطول في الصلاة ، ويزيدفي الركوع و السجود إلى غير ذلك مما لا يقع تحت حصر ، كما قال الإمام ابنالقيم رحمه الله : " وأما الشرك فى الإرادات والنيات فذلك البحر الذى لاساحل له وقل من ينجو منه " . حكم العمل المراءى به العمللغير الله على أقسام كما ذكر ذلك الإمام ابن رجب الحنبلي ، فإما أن يكونالرياء في أصل العبادة كأن يؤدي الإنسان العبادة بحيث يريد بها غير الله ،أو يريد بها الله عز وجل مع غيره من المخلوقين ، فلا شك في أن العمل يبطلحينئذ ، وصاحبه آثم معرض للعقوبة ، وهو الذي جاءت فيه النصوص الصحيحةالصريحة ومنها حديث الباب ، وإما أن لا يكون الرياء في أصل العبادة بل فيوصفها كمن يريد بصلاته الله عز وجل ، فيدخل فيها وهو يريد أن يقَصِّرالقراءة فيها والركوع والسجود ، فيعرض له خاطر بإطالة الركوع والسجود لمايرى من نظر الناس ورؤيتهم له ، فأصل العمل هنا كان لله ثم طرأت عليه نيةالرياء بعد ذلك ، فهذا إن كان خاطراً ودفعه فإنه لا يضره ، وأما إن استرسلمعه ، فقد اختلفت عبارات السلف هل يحبط به عمله أم لا يضره ذلك ويجازى علىأصل نيته ؟ والذي رجحه الإمام أحمد وغيره أن عمله لا يبطل بذلك ، وأنهيجازى بنيته الأولى ، إلا أنه ثوابه على عمله هذا لا يكون تاماً ، بل ينقصبسبب ريائه ، ولا يبعد أن يكون على خطر عظيم . وأماإذا عمل العمل لله خالصاً، ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين، ففرح بذلك واستبشر ، فإن ذلك لا يضره ، وفي هذا المعنى جاء حديث أبي ذرعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الرجل يعمل من الخير ، ويحمدهالناس عليه؟ فقال: ( تلك عاجل بشرى المؤمن ) رواه مسلم . ترك العمل خوف الرياء وقديعالج البعض الخطأ فيقع في خطأ مثله أو أشد منه ، فإذا أراد أن يقوم بطاعةأو أي عمل من أعمال الخير وعرض له عارض الرياء ، خشي من هذا الخاطر ،فيترك العمل خوف الرياء ، وهذا في الحقيقة هرب من شر ليقع فيما هو مثله أوأشد ، وقد نبه العلماء على هذا المزلق الخطير وحذروا منه فقال الفضيل بنعياض : " ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاصأن يعافيك الله منهما " . علاج الرياء وأخيراًفليس أمر الرياء بالأمر المستعصي عن العلاج ، صحيح أنه يحتاج إلى مشقةومجاهدة أفصحت عنها عبارات الصالحين من سلف الأمة ، فقد قال الإمام أحمدرحمه الله : " أمر النية شديد " ،وقال سفيان الثوري : " ما عالجت شيئاًأشد علي من نيتي لأنها تتقلب علي " ، وقال يوسف بن الحسين : " أعز شيء فيالدنيا الإخلاص ، وكم اجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي " ، ولكنه مع ذلك ليسبالأمر المستحيل ، إذ من المحال أن يكلفنا الله ما لا نطيق ، ولذلك فإن منالأمور التي تعين العبد على علاج الرياء الاستعانة بالله والتعوذ الدائمبه وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال : ( يا أيها الناساتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل ، فقال له من شاء الله أن يقول :وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله : قال : قولوا : اللهمإنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه ) رواه أحمد ،ومنها معرفة حقيقة الرياء وأسبابه وقطعها من قلب العبد ، ومنها النظر فيعواقب الرياء الدنيوية والأخروية ، والحرص على إخفاء العبادة وإسرارها ،وأن يكون للعبد خبيئة من عمل صالح لا يطلع عليه إلا ربه ومولاه جل وعلا | |
|