الحديث القدسي هوالحديث الذي يسنده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله عز وجل ،والقدسي نسبة للقدس ، وهي تحمل معنى التكريم والتعظيم والتنزيه ، ولعل منمناسبة وصف هذا النوع من الأحاديث بهذا الوصف ، أن الأحاديث القدسية تدورمعانيها في الغالب على تقديس الله وتمجيده وتنزيهه عما لا يليق به منالنقائص ، وقليلاً ما تتعرض للأحكام التكليفية .
ويرد الحديثالقدسي بصيغ عديدة كأن يقول الراوي مثلاً : قال رسول الله - صلى الله عليهوسلم - فيما يرويه عن ربه ، كحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل : ( يد الله ملأى لايغيضها نفقة سحاء الليل والنهار .......) رواه البخاري .
أو أنيقول الراوي : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله تعالى ،أو يقول الله تعالى ، كحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلىالله عليه وسلم : يقول الله تعالى : ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذاذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإخير منه .....) رواه البخاري و مسلم .
ومما تجدر الإشارة إليه أنوصف الحديث بكونه قدسياً لا يعني بالضرورة ثبوته ، فقد يكون الحديث صحيحاًوقد يكون ضعيفاً أو موضوعاً ، إذ إن موضوع الصحة والضعف المدار فيه علىالسند وقواعد القبول والرد التي يذكرها المحدثون في هذا الباب ، أمَّا هذاالوصف فيتعلق بنسبة الكلام إلى الله تبارك وتعالى .
هل الحديث القدسي كلام الله بلفظه أو بمعناه :
اختلفأهل العلم في الحديث القدسي هل هو من كلام الله تعالى بلفظه ومعناه ، أمأن معانيه من عند الله وألفاظه من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فذهببعضهم إلى القول الأول وهو أن ألفاظه ومعانيه من الله تعالى ، أوحى بهاإلى رسوله - عليه الصلاة والسلام - بطريقة من طرق الوحي غير الجلي - أي منغير طريق جبريل عليه السلام - ، إما بإلهام أو قذف في الروع أو حال المنام، إلا أنه لم يُرِد به التحدي والإعجاز ، وليست له خصائص القرآن ، وذهبالبعض إلى القول الثاني وهو أن الحديث القدسي كلام الله بمعناه فقط ، وأمااللفظ فللرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا القول هو الصحيح الراجح .
الفرق بين القرآن والحديث القدسي :
وهناك عدة فروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي ، ومن أهم هذه الفروق :
1-أن القرآن الكريم كلام الله أوحى به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بلفظه ومعناه وتحدى به العرب - بل الإنس والجن - أن يأتوا بمثله ، وأماالحديث القدسي فلم يقع به التحدي والإعجاز .
2- والقرآن الكريمجميعه منقول بالتواتر ، فهو قطعي الثبوت ، وأما الأحاديث القدسية فمعظمهاأخبار آحاد ، فهي ظنية الثبوت ، ولذلك فإن فيها الصحيح والحسن والضعيف .
3-والقرآن الكريم كلام الله بلفظه ومعناه ، والحديث القدسي معناه من عندالله ولفظه من الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الصحيح من أقوال أهلالعلم .
4- والقرآن الكريم متعبد بتلاوته ، وهو الذي تتعينالقراءة به في الصلاة ، ومن قرأه كان له بكل حرف حسنة ، والحسنة بعشرأمثالها ، وأما الحديث القدسي فغير متعبد بتلاوته ، ولا يجزئ في الصلاة ،ولا يصدق عليه الثواب الوارد في قراءة القرآن .
عدد الأحاديث القدسية والمصنفات فيها :
ذكرالعلامة ابن حجر الهيتمي أن مجموع الأحاديث القدسية المروية يتجاوز المائة، وذكر أنه قد جمعها بعضهم في جزء كبير ، والصحيح أن عددها - بغض النظر عنصحتها - أكثر من ذلك فهو يجاوز الثمانمائة ، بل قد يقارب الألف ، وقد أفردالعلماء هذا النوع من الأحاديث بالتصنيف ومنهم الشيخ المناوي رحمه الله فيكتابه المسمى ( الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية ) ، وللعلامة المدنيأيضاً كتاب ( الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية ) ، وكتاب( الأحاديثالقدسية ) لابن بلبان ، وهناك كتب معاصرة أفردت في هذا النوع من الأحاديث، ومنها كتاب ( الجامع في الأحاديث القدسية ) لعبد السلام بن محمد علوش ،وكتاب ( الصحيح المسند من الأحاديث القدسية ) لمصطفى العدوي ، وسنعرض إنشاء الله لبعض هذه الأحاديث بشيء من التفصيل والشرح والبيان ، واللهالموفق وعليه التكلان .