بسم الله الرحمن الرحيم

فقد لقيت المرأة المسلمة منالتشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها وتجعلها لؤلؤة مصونة،وإن الشروط التي فرضت عليها في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسد ذريعةالفساد. وهذا ليس تقييدا لحريتها كما يرى البعض، بل هو وقاية لها منالسقوط في دَرْكِ التبرج ووحل الابتذال، وأن تكون مسرحا لأعين الناظرين.فالله تعالى لم يشَرِّعْ أمرا إلا والخير كله فيه ولم يحرم آخر إلا والشركله فيه، قال تعالى"وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاوهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون".
-ولا يخفى على كل مسلم ومسلمة ما عمت به البلوى في كثير من البلدان بسببتبرج الكثير من نسائها وعدم تحجبهن من الأجانب وإبداء الكثير من زينتهنالتي حرم الله عليهن إبداءها. ولا شك أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصيالظاهرة ومن أعظم أسباب حلول العقوبات ونزول النِّقمات. والتبرج كبيرة منأشنع الكبائر التي تؤدي إلى سخط الله وقد قرنها النبي صلى الله عليه وسلمبالشرك وقتل النفس. جاءت أميمة بنت رقيق إلى الرسول صلى الله عليه وسلمتبايعه على الإسلام فقال:"أبايعك على ألا تشركي بالله ولا تسرقي ولا تقتليولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي ولا تتبرجي تبرجالجاهلية الأولى".
-والتبرج هو تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه واستعمل في خروج المرأة من الحشمة وإظهار ما يجب إخفاؤه.
وأيما امرأة تبرجت لترضي عنها زميلاتها وزملائها فقد مهدت لنفسها طريقاإلى سخط الله. قال صلى الله عليه وسلم"من التمس رضا الله بسخط الناس رضيالله عنه وأرضى عنه الناس،ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليهوأسخط عليه الناس".

وقبائح التبرج كثيرة جدا لعلنا نذكر بعضها إن شاء الله .


أولا أن التبرج معصية لله ورسوله:
قال صلى الله عليه وسلم« كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، فقالوا يارسول الله: ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى»


ثانيا أن التبرج يجلب اللعن :

(جاءتأميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام ،فقال : أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ، ولا تسرقي ، ولا تزني ، ولاتقتلي ولدك ، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ، ولا تنوحي ، ولاتتبرجي تبرج الجاهلية الأولى .)


ثالثا أن التبرج من صفات أهل النار:
قالصلى الله عليه وسلم (سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات ، على رؤوسهنكأسنمة البخت ، العنوهن فإنهن ملعونات . زاد في حديث آخر : لا يدخلن الجنةولا يجدن ريحها ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا .)
أو(صنفان من أهل النار لم أرهما . قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بهاالناس . ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات . رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة. لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها . وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا)

وقيل فيشرح هذا الحديث أنهن كاسيات بالثياب عاريات من الدين وقيل كاسيات بثياب لاتستر جسدا ولا تخفي عورة فالغرض من اللباس الستر فإن لم يستر اللباس كانصاحبه عاريا،فهن كاسيات في الظاهر عاريات في الحقيقة،ومائلات أي زائغات عنطاعة الله وما يلزمهن من التستر عن الأجانب ومميلات أي لقلوب الرجال إليهنبما يبدين من زينتهن وطيب رائحتهن. رؤوسهن كأسنمة البخت أي لا يغضضنأبصارهن.
والنبي صلى الله عليه وسلم يحكم على هؤلاء بأنهن من أهل النار. فهل تقوىالمرأة المسلمة التي ظهرت كاسية عارية على النار؟ يا أيتها الأخت المسلمة،يا من خرجت بالثياب الرقيقة، يا من خرجت بالثياب الشفافة، هل تعلمين أنالطعام في النار نار؟"ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع"أختاه، هل تعلمين أن الشراب في النار نار"وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهليشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا" "وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم"،حتى الثياب التي تتفنن المرأة المتبرجة في لبسها لتفتن قلوب الشبابستبدل بهذه الثياب بثياب من النار إن لم تتب إلى العزيز الغفار"فالذينكفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يُصْهَرُ به ما فيبطونهم والجلود"


رابعا أن التبرج نفاق:
قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"خير نسائكم الودود الولود المواتيةالمواسية إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقاتلا يدخل الجنة منهم إلا مثل الغراب الأعصم "
وهو كناية على قلة من تدخل الجنة منهن.


خامسا أن التبرج سنة إبليسية قذرة:
وقصة آدم تبرز لنا مدى حرص عدو الله على كشف العورات وهتك الأستار وأنالتبرج هدف أساسي له يساعده على إغواء الشباب من ذلك أن التبرج هو السببفي %99 من حوادث الزنا. قال تعالى:"يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كماأخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما".


سادسا :
إن أهم ما يميز الإنسان عن الحيوان هو اتخاذ الملابس وأدوات الزينة "يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير"والملابس والزينة مظهران من مظاهر الحضارة والتجرد عنهما إنما هو ردة إلىالحياة البدائية وإن كان اتخاذ الملابس لازما من لوازم الإنسان الراقي،فإنه للمرأة ألزم لأنه الحافظ الذي يحفظ لها دينها وشرفها وعفافهاوحياءها وتجردها من ملابسها وإبداء مفاتنها يسلبها أخص خصائصها من الحياءوالشرف ولا يطهرها مما التصق بها من رِِِجس سوى جهنم.


فنكتفي بهذا القدر من الأحاديث الدالة على خطورة التبرج لنواصل حديثنا عن بعض فضائل الحجاب وشروطه.

أولا الحجاب ستر :
والله يحب الستر، قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله ستِّير يحب الستر" وقالتعالى "يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوىذلك خير".


ثانيا الحجاب من الإيمان :
قال تعالى"وقل للمؤمنات" فلم يخاطب الله جل جلاله بالحجاب إلا المؤمنات.
وفي أثر لما دخلت نساء من بني تميم على عائشة رضي الله عنها بثياب رقاققالت لهن إن كنتن مؤمنات فهذا ليس بلباس المؤمنات وإن كنتن غير ذلك فتمتعنبه.


ثالثا الحجاب حياء:
قال صلى الله عليه وسلم(الحياء والإيمان قرناء جميعا ، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر .)

كما أنه ورد في موضوعك هذا الحديث فتم تخريجه وهو ضعيف كالآتي:
([قال في شأن أسماء] : إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا ، وأشار إلى وجهه وكفيه
الراوي: عائشة المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - الصفحة أو الرقم: 46/5
خلاصة حكم المحدث: ضعيف)


إذن فلباس المرأة من دينها وإن الله أمرها بالتزام الحجاب اللباس الشرعيوإن الله جعل جسد المرأة كله عورة إلا الوجه و الكفين كما قال النبي صلىالله عليه وسلم لما دخلت عليه أسماء بنت أبي بكر بثياب شفاف تشف ما تحتهاوتصف، فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم وأشاح بوجهه الكريم وقال ياأسماء إن المرأة إذا بلغت الحلم لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذاوأشار إلى الوجه والكفين ودل ذلك على أن المرأة وجب عليها أن تستر جسدهاكل ما همت بالخروج من بيتها.

و شروط الحجاب ثمانية وهي:


الشرطالأول:أن يكون اللباس فضفاضا يستر جميع الجسد إلا الوجه والكفين "يا أيهاالنبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذالكأدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما".


الشرطالثاني:ألا يصف ومعناه ألا يكون كهذه الثياب التي رمتنا بها الحضارةالغربية، سروال ضيق لا أدري كيف استطاعت أختنا الفتاة أن تدخله فهو يعريويفضح ويبرز جغرافية الجسد أكثر مما يستر.


الشرط الثالث:
قول النبي صلوات ربي وسلامه عليه °ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)


الشرطالرابع:ألا يكون اللباس زينة في نفسه اسمعي أيتها المرأة ،حين يتحولالحجاب إلى موضة وحين تتحول الفتاة المسلمة من طالبة علم إلى طالبة موضةتتقلب حسب أمزجة وأهواء دور الأزياء الذين يصممون حتى لمحجباتنا اللباسالذي لم يعد له من شروط الحجاب إلا الاسم.


الشرط الخامس:(من لبس ثوب شهرة في الدنيا ؛ ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة .)


الشرط السادس: إن الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(أيما امرأة استعطرت ، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية ، وكل عين زانية)

وقد اكتشف العلماء حديثا أن للأنف غدة جنسية، بمعنى أن هناك ارتباطا مباشرا بين حاسة الشم وإثارة الشهوة.


الشرط السابع: ألا يشبه لباس المرأة لباس الكافرات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من تشبه بقوم حشر معهم".


الشرط الثامن: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال .)


ومن صور التبرج أيضا وضع مساحيقالتجميل لأن ذلك نوع من المبالغة في الزينة وانتعال أحدية الكعب فإذا ضربتالأرض برجلها سمع الرجال طنينه فنهى الله المؤمنات عن ذلك قائلا "ولايضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن" وعلى المرأة أيضا عدم نتفحاجبيها قال صلى الله عليه وسلم "لعن الله النامصة والمتنمصة".


والخلاصة :أن أبواب التبرج محدودة ، ويسهل تفاديها وهي لبس القصير أو الضيق أوالرقيق أو المزين اللافت للنظر ، وعلينا أن نرسي مبدأً هاماً ، وهو أنالإسلام هو الإستسلام ، والإذعان والإنقياد لأمر الله تعالى ، إذاً يكونموضع البحث هو التأكد من أن هذا التكليف قد ورد في كتاب الله أو في سنةرسول الله .


فهيا أختاهنعود إلى رضا الله الذي خلقنا وأفاض علينا من نعمه ، وزادنا من فضلهواحسانه. فما اقبح ان نعصي الله بنعمه !اليس كذلك؟!! فهذا الحجاب أمر بهالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى : { وما كان لمؤمن ولامؤمنةِ إذا قضى الله ورسولُه أمراً ، أن يكون لهم الخِيَرةُ من أمرهم ،ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }.إذاًً المسألة ليست مسألةاقتناع ، بقدر ما هي مسألة إيمان وامتثال لأمر الله.وإنا لعلى يقين منوجود الخير داخلك ،فإنك ما تقومين بمعصية الله عن قصد ، وإنما هي فطرتك فيحب الظهور بمظهر الجمال والتناسق ومسايرة أقرانك ، ولكن ما دام هذا يثيرالفتنة ويغضب ربك ويؤدي للإساءة إليك ؛ باعتبار أن التبرج قرينة تشير إلىسوء النية وخبث الطوية، مما يعرضك لأذى الأشرار والسفهاء فعليك ألاتُصِّري على ذلك..


وتحتَجُّ بعض الفتيات حين تنهاهاعن التبرج أو تأمرها بالحجاب الشرعي، أنها مقتنعة تماماً، لكن شهوة المظهرتغلبها، وهي لا تستطيع ضبط نفسها. وقد يبدو العذر منطقياً لدى البعض لأولوهلة، ولكن حين تراها في شهر رمضان وقد التزمت بعض الشيء -وهو سلوك محمودولا شك- يدل على أنها تملك القدرة على ضبط نفسها و الانتصار على شهوةالمظهر.
أختاه، تخيلي بعض الملتزمات في عقلك...واسألي نفسك هذا السؤال: ألا أستطيعأن أكون واحدة من هن ؟ كيف نجحوا وهم يعيشون في المجتمع نفسه، ولهم شهواتوأمامهم عوائق كما أن لي شهوات وأمامي عوائق فقد كان العديد من الفتيات فيطريق التبرج ثم منَّ الله عليهن بالهداية ؛ فتبدلت أحوالهن وتغيرت و سرنفي رِكاب الصالحات الطائعات .


فكيف ينجحن في اجتياز هذه العقبة وتفشلين أنت؟! ولماذا استطعن التوبة ولمتستطيعي أنت ؟ إن العوائق عند الكثير من الفتيات عن التوبة والالتزام ليسعدم الاقتناع، بل هو شعور بعدم القدرة على التغير. أفلا تُعتبر هذه الفتاةالملتزمة نموذجاً لك، ودليلا على أن عدم القدرة لا يعدو أن يكون وهماًنصطنعه ؟!! فماذا يمنع أن تكوني أنت واحدة من هؤلاء ؟ وما الذي يحول بينكوبين ذلك؟

فأعيدي الحسابات، وصححي الطريق، ولا تكوني ممن تقتنع بخطأ طريقها وتتمنىالتغيير؛ لكنها تنتظر المناسبة ألا وهي أن يموت قريب لها، أو تُصاب بحادثفتَتَّعِظ؛ فيهزها الموقف فيدعوها للتوبة!! ولكن ماذا لو كانت هي ذلكالميت فيتعظ بها غيرها ؟ أو كان الحادث الذي تنتظره ليردها إلى التوبة فيهنهايتها ؟!! أختي الفتاة، ليس للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة، فالأمرلا يحتمل المخاطرة.


فهناك غائب ينتظرك وليس له وقت محدد، إنه الموت..نعم الموت، قد يأتي وأنت تأكلين أو تشربين أو نائمة، وربما وأنت تضحكين أوتلعبين... فاتقي الله ، فمهما تهربين منه فإنه ملاقيك { قل إن الموت الذيتفرون منه فإنه ملاقيكم } ماذا أعددتِ له؟ .. ماذا عمِلتِ للفوز برضاالله؟ قولى لي بربك ..كيف ترتاح نفسك وأنت عاصية لله؟ أم كيف يطمئن قلبك،كيف يرضى ضميرك عما أنت فاعلته؟!! أما استشعرتي عظمة الجبار؟! أما تخافينغضب الواحد القهار..؟!! نعم لقد أغضبتِ مولاك من أجل هواكِ ، من أجل أنيُقال فلانة جميلة .. وليكن ذلك قد قيل . ثم ماذا ؟. ثم تُلعنين ؟!! إلىمتى وأنت في غفلة..؟ إلى متى وأنت تقولين غداً أتوب ؟! غداً أرجع إلى ربي! غداً أخلع كل المنكرات و أقوم بكل الصالحات... !!! إلى متى ؟!!


أختي الغالية كوني شجاعة ولا تترددي ، اتخذي القرار ، واسلكي طريق الصالحات ، ولا تغتري بكثرة الهالكات فعمل الناس ليس هو الحُكميقول الله تعالى: { وإن تُطِع أكثر من في الأرض يُضلوكَ عن سبيل الله }وقال أيضا : { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقواالله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون } ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم« لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق »
واعلمي أن الله عز وجل يفرح بتوبة عبده ، ويبدل له السيئات حسنات عندرجوعه إليه { إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهمحسنات وكان الله غفوراً رحيماً} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للهُ أشدُّ فرَحاً بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة (الصحراءالخالية) معه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فنام فاستيقظ وقد ذهبت ، فطلبهاحتى أدركه العطش ثم قال أَرجعُ إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت ،فوضع رأسه على ساعده ليموت ، فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامهوشرابه ، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده ».و
وقالرسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل يا ابن آدم إنك ما دعوتنيورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولو أتيتني بملء الأرض خطايا لقيتك بملءالأرض مغفرة ما لم تشرك بي ولو بلغت خطاياك عنان السماء ثم استغفرتنيلغفرت لك).

أختاه... إن فيما أوضحته لك ما يكفي لإقناعك بالمنطقالسليم الذي لا التواء فيه ؛ بأن إتباع شريعة الله تعالى لا يضمن لك بلوغمرضاة الله فحسب ، بل هو يضمن لك إلى جانب ذلك تحقيق أسباب سعادتكالدنيوية كلها ، فقد بدا من النادر أن توجد امرأة مسلمة ترتدي الزىالإسلامي قد جاوزت سن الخامسة والعشرين دون زواج ، فالزواج سنة الله ، وماعند الله لا يُنال إلا بطاعته .


أمَا وقد تبين لك كل ذلك ؛ فقدآن لك أن تنهضي للاستجابة لحكم مولاك العظيم ، وأن تصطلحي مع الله عز وجلبعد طول نسيان وتنكر له ، ودعيك من انتقاد الناس وحسابهم ، فإن حساب اللهغداً أشد وأعظم . تَرَّفعي عن السعي إلى مرضاتهم وتحقيق أهوائهم فإنالتسامي إلى مرضاة الله أسعد لك وأسلم ، ولسوف تجدين وأنت تعزمين علىالرجوع إلى صراط الله من يحاول أن يرهق مشاعرك تخديراً تحت وطأة هذهالتقاليع التي أحاطت بك ،كما تحيط خيوط العنكبوت بضحيتها الحبيسة.


واعلمي أنالمصيبة كل المصيبة ، أن تعلمي الحق وتؤمني به ، ثم لا تتجهي إليه بخطوةأو بعزم كأن الأمر ليس مما يعنيك في شئ ، أو كأن الذي شرع هذا الحق و أمربه لن تطولك يده ، ولن يبلغ إليك بطشُه وسلطانُه ، مِثلُ هذا الحال يعتبرأعظمَ سبب لاستمطار غضب الله تعالى والتعجيل بعقوبته ، وعقوبة الدنيا هنالا تتمثل في بلاء عاجل يحيق بالإنسان وحسب، وإنما تتمثل أيضا في انغلاقالعقل وقسوة القلب ، فلا يؤثر في أحدهما تذكير ولا تخويف ولا تنبيه مهماكانت الأدلة واضحة والنُذُر قريبة... حتى إذا جاءه الموت تخطّفَه وهو علىهذا الحال ، فينقلبُ إلى الله تعالى وقد تحول انغلاق عقله وقسوة قلبه إلىندم يُحرق الكبد ، وقت لا ينفع الندم ولا رُجُوعَ فيه إلى الوراء. وقد عبرالله تعالى عن هذه العقوبة وسببها بقوله : { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربهفأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكِنَّة أن يفقهوه وفيآذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبدا }.


واعلمي أيضا أنه ما من شابيُبتلى منك اليوم بفتنة تُغريه ، أو تُشغل له بالا، وكان بوسعك أن تجعليهفى مأمن منها، إلا أعْقَبَكِ منها غداً نَكالٌ من الله عظيم.
فالله الله في الحجاب، الله الله في الستر والعفاف، فإن كنت مؤمنة، فالذيأمرك بالحجاب هو الله، فما عليك إلا أن تقولي ما قالته المؤمنة الأولىالطاهرة، سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
فأرجوا أن تتسع صدوركن لهذه الكلمات وجعلني الله وإياكنممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأسأل الله لي و لكنِ الهداية و التوفيق، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.