تفسير سورة الزلزلة

تفسير سورة الزلزلة

بسم الله الرحمن الرحيم : تفسير سورة الزلزلة B2

إِذَازُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَاوَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَابِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًالِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًايَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ تفسير سورة الزلزلة B1

هذهسورة الزلزلة جاء في حديثين أن قراءتها في ليلة تعدل قراءة نصف القرآن،وهذان الحديثان ننبه عليهما، وأنهما حديثان ضعيفان، لا يصحان عن النبي-صلى الله عليه وسلم- فيها، لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهقال ذلك.
ولكن هذه سورة قد ذكر الله -جل وعلا- فيها ما يكون يوم القيامة، أو ذكر فيها شيئا مما يكون يوم القيامة، فقال جل وعلا: تفسير سورة الزلزلة B2

إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا تفسير سورة الزلزلة B1

يعني: أن الأرض يوم القيامة ترجف وتضطرب اضطرابًا شديدًا.
الله-جل وعلا- خلق هذه الأرض، وأسكنها وجعلها مستقرة، فإذا جاء يوم القيامةفإن هذه الأرض تضطرب وترجف رجفًا شديدًا، وتميد بأهلها كما قال الله -جلوعلا-: تفسير سورة الزلزلة B2

إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا تفسير سورة الزلزلة B1

وقد تقدم بيان ذلك.
تفسير سورة الزلزلة B2

وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا تفسير سورة الزلزلة B1

يعني: أن الأرض تُخْرِج ما فيها من الأموات، كما قال الله -جل وعلا-: تفسير سورة الزلزلة B2

وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ تفسير سورة الزلزلة B1

وتقدم بيان ذلك.
تفسير سورة الزلزلة B2

وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا تفسير سورة الزلزلة B1

يعني: أن الإنسان إذا شاهد أهوال يوم القيامة، ورأى هذه الأرض ترجف رجفًاشديدًا، قد أخرجت ما في باطنها يقول مندهشًا: ما لها، أي شيء حدث لها؟وهذا كما يحصل إذا حصل اضطراب في شيء من المخلوقات بسرعة، فإن الإنسانيتعجب من ذلك ويندهش ويقول: لماذا حدث؟ أو لأي شيء حدث هذا ؟
كذلكيوم القيامة لشدة الوقعة على الناس، وفزع القلوب، وقروع هذا الهول فيقلوبهم، فإن الإنسان يقول: ما لها أي ما للأرض؟ وهذا يدل على شدة هذهالزلزلة، وعلى شدة الهول، كما قال الله -جل وعلا-: تفسير سورة الزلزلة B2

إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ تفسير سورة الزلزلة B1

.
قال الله -جل وعلا-: تفسير سورة الزلزلة B2

يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا تفسير سورة الزلزلة B1

أي: يومئذ تخبر الأرض الناس أخبارها، يعني: تخرج الأخبار، قال كثير منالسلف معناها: أن الأرض تخبر الناس بما عملوا عليها، تخبر كل إنسان بماعمل على هذه الأرض، وذلك من إنطاق الله -جل وعلا- لها؛ لأن الذي ينطقالجلود، وينطق الأسماع والأبصار والأيدي والأرجل يوم القيامة ينطق الأرضكذلك، فتخبر العباد بما فعلوا عليها.
وقد جاء في ذلك حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تفسير سورة الزلزلة H2

أنهقرأ هذه الآية، وقال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فأخبر-صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأرض تشهد على كل عبد وأمة بما عمل عليها،تقول: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا تفسير سورة الزلزلة H1

ولكن هذا حديث -أيضًا- لا يثبت، ولا يصح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-فيه راو ضعيف، ولكن تفاسير السلف، أو أكثر السلف يدور تفسيرهم على هذاالمعنى.
ثم قال جل وعلا: تفسير سورة الزلزلة B2

بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا تفسير سورة الزلزلة B1

أي: تُظهر هذه الأخبار، بسبب أن الله -جل وعلا- أوحى لها أن تُظْهِر هذهالأخبار، وذلك يعود إلى مشيئة الله -جل وعلا- وقدرته، فلو لم يوح لهاويلهمها ذلك ما أخرجت أخبارها، ولكنه جل وعلا أوحى لها فأخرجت أخبارهالتشهد هذه الأرض على العبد بما عمل عليها.
قال تعالى: تفسير سورة الزلزلة B2

يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ تفسير سورة الزلزلة B1

يعني: أن الناس يوم القيامة يصدرون من قبورهم إلى الموقف؛ ليروا أعمالهم يخرجون من قبورهم، وهم أصناف:
فريقمُسْوَدَّة وجوههم، وفريق مُبْيَضَّة وجوههم، وفريق من أهل النار، وفريقمن أهل الجنة، يصدرون إلى الموقف ليروا أعمالهم، فإذا رأوا أعمالهم أقيمتعليهم الحجة، كما قال الله -جل وعلا-: تفسير سورة الزلزلة B2

وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا تفسير سورة الزلزلة B1

.
فكل عبد يوم القيامة يرى صحيفة عمله، فهم يصدرون إلى الموقف؛ ليروا ويطلعوا على أعمالهم، قال الله -جل وعلا-: تفسير سورة الزلزلة B2

فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ تفسير سورة الزلزلة B1

أي: من يعمل في هذه الدنيا مثقال ذرة خيرًا يره يوم القيامة، والذرةفُسِّرَتْ بأنها النملة، وفسرت بأنها الهباء الذي يكون في شعاع الشمس إذادخلت من النافذة، وفسرت بأنها التراب الذي يلصق باليد بعد ضربها بالأرض.
ولكن هذه الذرة ليست هي أصغر شيء في الكون؛ لأن الله -جل وعلا- قال: تفسير سورة الزلزلة B2

وَمَايَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِيالسَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍمُبِينٍ تفسير سورة الزلزلة B1

فدل على أن هناك شيئا دون الذرة، يسطره الله -جل وعلا- في الكتاب.
ثم قال -جل وعلا-: تفسير سورة الزلزلة B2

وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ تفسير سورة الزلزلة B1

أي يرى ذلك مكتوبًا يوم القيامة، هاتان الآيتان قال الله -جل وعلا- فيهما: تفسير سورة الزلزلة B2

يره

ولم يقل: يجازى عليه.
وفَرْقٌ بينهما؛ ولهذا المؤمن يوم القيام يحاسبه الله -جل وعلا- حسابًا يسيرًا، وهو العرض: تفسير سورة الزلزلة H2

فيدنيهالله -جل وعلا- ويقرره بذنوبه ويقول: قد عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا. فيقربذلك، ثم يقول له الله -جل وعلا-: قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم تفسير سورة الزلزلة H1

.
فالله-جل وعلا- أطلعه على عمله، وأراه عمله، ولكن الجزاء شيء آخر؛ ولهذا لايَرِدُ على الآية الثانية ما ذكره بعض العلماء من أن الله -جل وعلا- هناذكر أنه يُطْلِع الكافر على سيئاته، مع أنه جل وعلا أخبر في آيات أخرى أنأعمالهم حابطة، وأنهم ليس لهم عليها حسنات كما قال تعالى: تفسير سورة الزلزلة B2

مَنْكَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْأَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَلَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوافِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ تفسير سورة الزلزلة B1

.
وقال جل وعلا: تفسير سورة الزلزلة B2

وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا تفسير سورة الزلزلة B1

وقال جل وعلا: تفسير سورة الزلزلة B2

كَوَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كسَرَابٍ بِقِيعَةٍ تفسير سورة الزلزلة B1

وقال سبحانه: تفسير سورة الزلزلة B2

مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ تفسير سورة الزلزلة B1

.
فهذايدل على أن الكافر يقدم يوم القيامة، وليس له حسنة، والآية التي معنا تدلعلى أنه يطلع على حسنات، ومع هذا لا تعارض بينهما؛ لأن الله في الآية،قال: تفسير سورة الزلزلة B2

يَرَهُ

ولم يقل: يجازى عليه، فهو ينشر له صحفية عمله، ويطلع على حسناته وسيئاته، ولكن حسناته قد حبط ثوابها بكفره.
ثمإن حسناته قد كوفئ عليها في الدنيا، كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليهوسلم- أن الكفار يُجَازَوْن بما صنعوا من الحسنات في الدنيا بمثلها فيالدنيا، لكن في الآخرة ليس لهم عند الله -جل وعلا- من نصيب. فقوله جلوعلا: تفسير سورة الزلزلة B2

يَرَهُ

هو الكافر يرى يوم القيامة ما عمل من خير وشر، ولكن عند الجزاء يحبط عمله؛ بكفره بالله جل وعلا.
ثمإن الله -جل وعلا- قد كافأه على حسناته بمثلها في الدنيا؛ لأن الكافر لايرجو ثواب الله -جل وعلا- في الآخرة؛ فلهذا عجل له نصيبه في الدنيا؛ وإذاقدم على الله -جل وعلا- كان عمله حابطًا، والله -جل وعلا- أعلم، وصلى اللهوسلم على نبينا محمد.

» تفسير سورة العصر
» تفسير سورة المائده
» تفسير سورة الضحى
» تفسير سورة النصر
» تفسير سورة الكوثر